من ثور مجلس النواب الى اسد النجف.. يستمر مسلسل امتهان العقل العراقي

اراء
1 يونيو 2020wait... مشاهدة
من ثور مجلس النواب الى اسد النجف.. يستمر مسلسل امتهان العقل العراقي
عباس العنبوري

كتب :عباس العنبوري
قبل ثلاث سنوات، تبرع احد موظفي مجلس النواب بعمله النحتي والذي كان مشروع تخرجه في اكاديمية الفنون الجميلة الى الامانة العامة للمجلس. كان عمله عبارةً عن ثور يرمز الى الصراع بين السلطات الثلاث في الدول الديموقراطية. لم يكن يرتجي -وهو موظف معروف بنظافة ذات يده وباخلاقه العالية- سوى تخليد العمل في مكان قابل للمشاهدة من قبل الداخلين الى مبنى المجلس. وهذا ما حصل فعلاً.
بعد مرور بضع شهور، تناولت وسائل التواصل الاجتماعي صورةَ الثور، وان مجلس النواب قد اشتراه بما يعادل 250 مليون دينار- بحسب ما اذكر-. وبدلاً من ان تقوم رئاسة المجلس او امانته العامة بتكذيب الخبر في حينها، فقد وجهت برفعه من مكانه لانهاء اللغط الاعلامي الحاصل ازاءه. كان ذلك وسط دهشة وامتعاض ذلك الموظف الحريص وزملاءه ومن يعرف بموضوع الثور، والذي لا ادري ما أحل الدهر به. ولعله ذبح بفأس صاحبه المحبط من تعاطي مؤسسته مع هديته المجانية!
تذكرت هذه الحادثة وانا اقلب صفحتي على الفيس بوك لاشاهد عشرات المنشورات التي تتحدث عن اسد النجف الذي كلف بلديتها عشرات الملايين من الدنانير العراقية كما تدعي تلك الصفحات. وبالرغم اني لا امتلك البيانات الكاملة عن سعر كلفة الاسد غير معلومات مدعاة، وتصريح مدير بلدية النجف في وكالة ناس الاخبارية والتي قال فيها ان كلفة الاسد بلغت مليوني دينار. نعم، كلفته بشحمه ولحمه وبأسنانه القوية، وبعينه الحولاء التي صنعتها برامج الفوتوشوب هي مليوني دينار. كما يدعي مدير البلدية! اقول : بالرغم من ذلك، ولأني صاحب تجربة مريرة مع (الثور) ،وفي تحمل مشاركة الاكاذيب على صفحات التواصل الاجتماعي، فاني اصدق مدير البلدية في قصة (الاسد)، وان سعره هو مليوني دينار فعلاً.
اذ هكذا يذر الرماد في عيون العراقيين لاشغالهم عن قضاياهم الاساسية المركزية والمصيرية، في شؤون فرعية، لا تسمن ولا تغني عن جوع. وبسببها يتمدد الفاسدون في سرقة اموال العراقيين في وضح النهار. والعراقيون مشغولون بالاسد والثور. فتأملوا!

error: Content is protected !!