كتب : محمد الجاسم
ما الذي عَناهُ (جو بايدن) هذا اليوم بتغريدته:”هذا يكفي. ليس أكثر”..؟.لعلِّي فهمتها أنَّ هذا الإحتجاج الضاغط يجب أن يتوقف قبل انهيار الدولة العظمى أمام شبّانٍ عُزْلٍ من السلاح..وربما يقصد بها بالمقابل وجوبَ التوقف من قِبَلِ السلطات الأمنية عن إستخدام العنف المفرط وإطلاق الرصاص الحي باتجاه المحتجّين،والإعتقالات العشوائية لهم.لكنَّ التأريخ سيفهمُها بطريقةٍ أكثرَ واقعية.. “لا أستطيع التنفس”( I can’t breathe). لا أستطيع التنفس، كانت هذه الكلمات الأخيرة للمواطن الأمريكي من أصل أفريقي (جورج فلويد) يوم الإثنين 25مايس2020 قبل وفاته ، متأثراً بحال الإختناق من جراء دعس شديد بقدم شرطي أبيض مع سبق الإصرار.
هل نتوقع أن دولة(عظمى) كالولايات المتحدة الأمريكية تحاول أن تخنقَ شعبَها الذي عزَّ عليه التنفس الطبيعي بعد أن انتشر فيها جائحة كورونا..و جائحة النقص الحاد بالخدمات الصحية والطبية المرافقة للوباء..وجائحة البطالة..و جائحة الإنهيار الإقتصادي بسبب التردي المفاجئ لأسعار نفط تكساس الخام ..ثمة خنقٌ واختناق شامل، لا توجد مساحة للتنفُّس. أمريكا لم تُبقِ لها في العالم من صديق..فبعد أساليبها العدائية والعدوانية ضد الصين وإيران وروسيا وفنزويلا والعراق واليمن ولبنان وسوريا..وأخيراً الإتحاد الأوروبي،أمريكا التي لم تسلم من شرورها حتى منظمة الصحة العالمية فأعلنت معاداتها وسحب يد العون لها مؤخراً..تعاني هذه الدولة المستكبرة للأسباب المذكورة وأسبابٍ غيرها عديدة ومختلفة من إفتقارها لمَنْ يمكن أن يكون منقذاً.
أنا لا أستبق الزمن..لكني أظنُّ أنَّ (جو بايدن) السبعيني يرنو الى انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بأنها مواجهتُه المقبلة مع الرئيس(ترامب)،بواسطة الشبّان المعوزين والمتذمرين من سياسات ترامب الخرقاء في الداخل والخارج.وما زلت أتذكر قولته الشهيرة في الحملة الإنتخابية المبكرة في تجمع إنتخابي مفترض: “إن إحدى الطرق للتعاطي مع التقدم في السنّ هو بناء أساسات مؤلفة من شبّان مؤهلين قد لا يتمتعون بخبرة كبيرة لكنهم قادرون على تأدية دور قيادي في الأعوام الأربعة أوالثمانية القادمة في البلاد “. وها هم الشبّان الأمريكان من مختلف الأصول العِرقية يجتمعون في الشوارع في سبعَ عشرةَ ولايةً من الولايات المتحدة الأمريكية ويستخدمون مختلف الوسائل السلمية والتخريبية لكي يعبّروا عن رفضهم للنظام الإرهابي القائم في بلادهم.
لم يكن (جورج فلويد ـ George Floyd)الأول من سلسلة ضحايا لون بشرتهم الذي إتسم في الدولة الأكثر تبجُّحاً في العالم بالديموقراطية وحقوق الإنسان،بأنه (لون البشرة القاتل).
معظم دول العالم تضامنت و نسائمَ الحرية التي تصاعدت مع روح الضحية الأسود كرمزٍ لضحايا العنف والإضطهاد الرسمي المنظَّم في هذه الدولة غريبة الأطوار،لكن دولاً أخرى سائرة بركب الجبروت والإستكبار العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية،مازالت تغضُّ الطرفَ عن الجرائم التي ترتكبها إدارة ترامب لغايات آيديولوجية واقتصادية.
(القانون)و(النظام) اللذان يدافع عنهما ترامب بقمع المحتجين،هما في خطرٍ حقيقي بسبب سوء إدارة البيت الأبيض للأزمات الصحية والسياسية والمعيشية داخلَ الولايات المتحدة وخارجَها،وفقدان مائة الف أمريكي لحياتهم بسبب سوء الإدارة للملف الصحي أثناء إنتشار جائحة كورونا،وتجاوز عدد الشبّان العاطلين عن العمل أربعين مليوناً.
لقد وصل المحتجّون الى باحة البيت الأبيض..واقتحموا سياجَهُ، ليس لمحاولة إدارة البيت الأبيض..وتمشية أمور الدولة..ولكن ليطرقوا ناقوس الإنذار للرئيس ترامب وطاقمه السياسي والإداري بأنكم لستم في مأمنٍ من غضبة الشعب.
ورُبَّ قولٍ..أنفذُ مِنْ صَوْل.
ناصريّةُ ـ دورتموند / ألمانيا
1حزيران2020