يمثل الصيد الجائر للطيور المهاجرة في الأهوار (جنوبي العراق) واحدا من أبرز المشكلات التي تعاني منها تلك المناطق، والتي ساهمت بشكل كبير في التأثير على التنوع الحياتي، وسط عجز حكومي وإجراءات غير فاعلة للحد من هذه الظاهرة التي بدت تشكل خطرا يهدد الحياة هناك في الأهوار.
ورغم انضمام الأهوار إلى لائحة التراث العالمي، في تموز/يوليو 2016 فإنها لا تزال تعاني من إهمال في ظل غياب دور للسلطات هناك، وما يسببه الصيد الجائر من تهديد للحياة فيها.
وحتى الطيور المستوطنة في بيئة الأهوار، لم تنج من الصيد الجائر، فهي مهددة بهذا الخطر، وقد يدخل بعضها القائمة الحمراء، بسبب الصيد المستمر وبكميات كبيرة.
ولا تزال القوانين المتعلقة بالصيد الجائر للطيور معطلا وغير مفعل، في حين تمنح جمعيات وهمية مهتمة بالصيد تراخيص مزيفة ومخالفة لقوانين الصيد، بحسب ما يذكره رعد الأسدي، وهو من مواطني سكان الأهوار وناشط بمجال السياحة البيئية.
ويضيف الأسدي للجزيرة نت أن عدم تفعيل القوانين ساهم في ارتفاع ظاهرة الصيد الجائر، الذي أدى بالتالي للتأثير على بيئة الأهوار.
وبينما يمضي أحمد السيد علي وهو من سكان أهوار الجبايش، حياته الطبيعية في الاعتماد على الموجود في بيئته من طيور وأسماك وجاموس، منذ صغره، وما تعلمه من أجداده، يشكو اليوم من تغييرات كبيرة تحصل في بيئته.
اعلان
يقول علي للجزيرة نت إن ملامح الأهوار التي عرفها منذ الصغر تغيرت بفعل الجفاف والصيد الجائر، خاصة من صيادين يأتون من خارج الأهوار.
إبادة للطيور
وبالعادة تصل الطيور المهاجرة إلى الأهوار بين نوفمبر/تشرين الثاني ويناير/كانون الثاني من كل عام، قادمة من أوربا وأميركا وروسيا، لكنها في هذا الموسم تعرضت لإبادة، بحسب شهادة رئيس جمعية الصيادين في ذي قار ناجي السعيدي.
يوجد في ذي قار أكثر من ثلاثة آلاف صياد، أغلبهم غير مجازين، ولا يلتزمون بالقوانين (الجزيرة) |
وكشف السعيدي للجزيرة نت عن انتشار جهاز جديد يحتوي على نغمات الطيور، يستخدمه الصيادون لجذب الطيور حتى ولو كانت على مسافة أكثر من خمسة كيلومترات في الجو، وحال هبوطها يتلقفها الصيادون.
وينتشر جهاز النغمات في المحال التجارية غير المرخصة في مناطق عدة من ذي قار، إلا أن الحكومة والسلطات هناك لم تقم بأي جولة تفتيش لإيقاف مصادرة تلك الأجهزة.
ويوجد في ذي قار أكثر من ثلاثة آلاف صياد، أغلبهم غير مجازين، ولا يلتزمون بالقوانين التي تمنع استخدام المواد السمية أو الشباك في الصيد.
مواطن من الأهوار (الجزيرة نت) |
الطيور المهاجرة
أما أهم الطيور المهاجرة التي تدخل الأهوار العراقية فهي هازج قصب البصرة والزقزاق أبيض الذيل والنورس الأرميني وغراب بحر القرم والثرثار العراقي والغطاس العراقي والحذاف الرخامي والوردة الأفريقية والبجع الأبيض الكبير وخطاف المستنقعات الملتحي والأوز الأغر الصغير والبلبل الأبيض الخدين والكوشر والزركي وأبو زلة والمصو والليروي والفلامنكو ودجاج الماء والخضيري.
وأما الطيور المستوطنة في بيئة الأهوار فهي صياد السمك والغواص والبرهان والرخيوي والبيوض والنكود والصيومي، وتتراوح أسعارها بين ثلاثة إلى خمسة دولارات لكل زوجين من الطيور.
ويشكل صيد الطيور بشكل جائر ظاهرة خطرة على البيئة العراقية وتحديدا بيئة الأهوار.
جاسم الأسدي يرأس منظمة بيئية تقوم بحملات توعوية للمحافظة على الحياة في الأهوار (الجزيرة نت) |
حملات توعية
وتعمل منظمة “طبيعة العراق” على إقامة حملات توعوية في المحافظة على الحياة بداخل الأهوار، لكن المسؤولين عنها يقولون إنه ليس لديهم القدرة على إيقاف الصيد الجائر، لأنهم ليسوا أصحاب قرار.
ويوضح جاسم الأسدي رئيس المنظمة للجزيرة نت أن منظمته قد طبعت كتابا عن الطيور العراقية، للتعريف بتلك الطيور المهمة وأنواعها، إضافة إلى توزيع وطبع ملصقات تبين الطيور التي دخلت في القائمة الحمراء.
ويكشف الأسدي عن وجود العشرات من الأحواض الاصطناعية، ينشئها السكان المحليون لجذب الطيور المهاجرة ومن ثم صيدها.
وتشكل مساحة الأهوار نحو 17% من مساحة العراق، وتغطي المياه حوالي 3.8 مليون دونم من الأراضي العراقية، منها 2.3 مليون دونم مغطاة بمياه الأهوار، بحسب تقارير حكومية، وتشكل هذه البيئة تنوعا أحيائيا نادرا وبيئة مواتية لعبور الطيور المهاجرة.